كتب لفته عبد النبي الخزرجي / العراق – بابل
ما تشهده الساحة السياسية العراقية من احداث وتطورات دراماتيكية ، تعطي انطباعا يأخذ مسارين ، المسار الاول هو ان هناك نهوض شعبي متميز للمطالبة بخروج العراق من خانة الطائفية والمحاصصة والفساد والمحسوبيات والنظرة القاصرة لابناء الشعب بشكل عام ، اما المسار الثاني فهو محاولة وضع العصي في طريق الاصلاحات التي ينادي بها الشعب المنتفض ، واعطاء صورة سلبية ومجانبة للحقيقة التي خرج الشعب من اجل ان يفتح الابواب على مصراعيها لعملية اصلاح حقيقية وشاملة وجوهرية .
ان السلوكيات الغريبة التي مارسها بعض النواب في جلسة الامس 26/4/2016 كانت تمثل نكوصا وتراجعا واضحا عن الخط السياسي والبرلماني الذي يجب ان يسير عليه السياسيون لاخراج البلاد من اطار التخلف والفساد والمحاصصة . ليس هناك غبار على ان نكون الديمقراطية سبيلا لحل الامور المستعصية في البلاد ، لكن الامور باتت تشكل عصيانا بوجه التغيير ومحاربة الفاسدين من خلال البرلمان نفسه ، حيث خرجت مجموعة غاضبة تريد ان تخرب كل شيء ، ولا ننسى ان عضو مجلس النواب يعتبر ممثلا للشعب في البرلمان ، وعندما يتبنى الاعضاء او مجموعة من اعضاء المجلس ، شعارات وسلوكيات وممارسات منافية للعمل الديمقراطي ومعوقة للاصلاح ، ان هذا سينعكس سلبا على سلوكيات الشارع العراقي ، الا ان الملاحظ ان ابناء الشعب العراقي يمارسون دورا حضاريا كبيرا من خلال التزامهم الواضح بالممارسة السلمية للتظاهرات والتعاون الواضح مع الجهات الامنية والحفاظ على المال العام .
ولا نعدو الحقيقة اذا قلنا ان الشارع العراقي قد اعطى السياسيين درسا في مفهوم الممارسة الديمقراطية ، وان هذا الشارع قد اصبح انموذجا فريدا في اصلاح المنظومة السياسية والاجتماعية ، وقد بانت تلك النتائج في ما وصل اليه البرنامج الاصلاحي الذي تحاول السلطة التشريعية والتنفيذية ان تعمل على تحقيقه في المستقبل المنظور ، وهو انجاز ما كان له ان يرى النور لولا الاصرار الكبير الذي تبديه الجماهير الشعبية في الشارع العراقي وما تعكسه من مواقف حضارية متقدمة .
وان المستقبل سيشهد حتما تحقيق حلم الشعب في دولة مدنية ديمقراطية تحقق العدالةالاجتماعية وتقضي على الفساد وتعيد الحياة لبلادنا في البناء والاعمار .